"قانون البقاء" في غــزة: نتقاسم القليل ونصنع منه فرحاً

Trending|30/07/25
"قانون البقاء" في غــزة: نتقاسم القليل ونصنع منه فرحاً
فلسطينيون يحملون طرود المساعدات التي تمكنوا من الحصول عليها غرب بيت لاهيا
  • رسالة من الصبر والإرادة بتوقيع الغزيين المقاومين
  • الحصول على الغذاء في القطاع بات حلما

في مشهد يهزّ الوجدان، علت أصوات التكبير والتهليل في أحد أحياء غــزة المحاصرة، ليس احتفالاً بعيد أو نصر عسكري، بل فرحاً بوصول شاحنة محمّلة بأكياس دقيق وعلب زيت وشيء من العدس المفقود منذ شهور.

اقرأ أيضاً : في مواجهة الشمس والقصف والجوع... دعاء لا ينكسر

مشهد بدا بسيطاً لمن يراقبه من بعيد، لكنه في الحقيقة أشبه بإعلان نصر مؤقت على همجية تل أبيب، التي أرادت أن تجعل من الجوع سلاحاً، ومن الخبز أداة إذلال.

دموع تسبق الضحكات

رُفعت الأيادي إلى السماء، والدموع تسبق الضحكات، كأنما أهل غزة أنقذوا أنفسهم من براثن الموت بأيديهم. رأيت أماً تضحك وهي تحمل كيس الأرز كأنها ترفع ابنها الأول بعد ولادته. رأيت طفلاً يقفز فرحاً لأن الطحين سيعود إلى فرن أمه، وكأن العيد قد حلّ

دون موعد. أي صورة هذه؟ فرحة مقهورة ممزوجة بالألم، أطفالٌ يلهثون خلف الشاحنات، يحملون ما استطاعوا، ويركضون إلى بيوتهم المحطمة، وكأنّهم فازوا ببطولة العالم في الصبر.

"قانون بقاء"

في ركنٍ من الشارع، كان شاب في مقتبل العمر يوزّع علب الفول المعلّب على الجيران قبل أن يأخذ شيئاً لنفسه، يقول مبتسماً: "نحن لا نأكل وحدنا، نحن نتقاسم البقاء." كلمات بسيطة، لكنها تلخص عمق الروح الغزّية التي لا تهزمها أنظمة القهر، بل تجعل من

التضامن قانون بقاء. هنا، لا أحد يُترك وحيداً أمام الجوع، فكل بيت هو امتداد للبيت الآخر.

وفي زوايا الأزقة الضيقة، جلس رجل مسنّ على حجر مكسور يوزع التمر على الأطفال وكأنها حلويات العيد، يهمس لهم: "احفظوا هذه اللحظة، لأنها تساوي حياة." فهذه الشحنة البسيطة التي وصلت ليست مجرد مساعدات غذائية، بل لحظة كرامة، فرصة قصيرة

ليتنفس الناس الصبر والفرح معاً. إنها شهادة على أن الحياة ما زالت تدبّ في العروق رغم كل محاولات الخنق.

إنها غزة، المدينة التي إن جاعت لا تستسلم، وإن أُغلقت أبواب الحياة أمامها، تبتكر فرحتها من رماد الحصار. فرحتهم ليست بالخبز وحده، بل بما يرمز له: أنهم ما زالوا هنا، لم ينكسروا، لم يُنسَوا، وأن بقاءهم في وجه القهر هو الانتصار الحقيقي.