رحلة الطحين في القطاع.. مسافة بين الحياة والمــوت

Trending|11/08/25
رحلة الطحين في القطاع.. مسافة بين الحياة والمــوت
نازحون يحملون مساعدات إنسانية في خان يونس
  • القطاع المحاصر لا يزال يئن ألما وقهرا جراء الجوع والأحزان المتعاظمة
  • الحصول على المساعدات الغذائية بأت أشبه برحلة موت في القطاع

في قلب القطاع المحاصر، يتسلل الجوع إلى الخيام قبل أن يطرقها ، جوعٌ لا يُسكته إلا الخبز، وخبزٌ لا يُصنع إلا بطحينٍ صار الوصول إليه رحلة عذاب. وجوه الأطفال الشاحبة تحكي ما لا تقوله الكلمات، وعيون الأمهات الممتلئة

بالقلق تروي حكايات ليالٍ طويلة بلا لقمة كافية، حيث تتقاسم العائلة ما تبقى من فتات رغيف واحد.

اقرأ أيضاً : يبتسمون رغم القهر.. نازحون من غزة على عربة الصمود

يخرج الرجال والنساء منذ الصباح الباكر في مسيرٍ طويل تحت شمسٍ لاهبة، بحثًا عن كيس طحين قد لا يجدونه في نهاية المطاف. المسافات التي يقطعونها، والمخاطر التي يواجهونها، ليست مجرد أمتار وكيلومترات، بل ساعات من

الانتظار الممزوج بالخوف من القصف، والخشية من أن يعودوا بأيدٍ فارغة.

بطون خاوية وحرارة لاهبة

الطريق إلى الطحين لم يعد مجرد دربٍ إلى الحياة، بل صار امتحانًا للقوة والصبر. صفوف طويلة تتلوى أمام مراكز التوزيع، حيث يختلط صراخ الأطفال ببكاء الأمهات، وتتشابك خطوات العجائز الذين جاؤوا رغم آلامهم. كل دقيقة

تمر هناك تزداد فيها حرارة الشمس، ويثقل فيها الجوع على البطون الخاوية.

الخبز مسألة بقاء

القصف المستمر يجعل هذه الرحلة أشبه بصراع مع الموت. في أي لحظة، قد تتحول طوابير الانتظار إلى ساحة دماء، ومع ذلك يصرّ الناس على البقاء، لأن الخبز بالنسبة لهم ليس رفاهية، بل مسألة بقاء. وفي كل مرة يسمعون دوي انفجار قريب، تتسارع دقات القلوب، لكن الأرجل لا تتحرك من مكانها، فالرجوع بلا طحين يعني ليلة أخرى من الجوع.

وفي نهاية اليوم، يعود البعض محمّلين بأكياس الطحين، بينما يرجع آخرون بخيبة الأمل وعيون دامعة. ومع ذلك، يستمر الجميع في المحاولة، لأن الأمل في كسرة خبز يظل أقوى من الخوف، ولأن الجوع لا يعرف الانتظار. إنها معركة يومية، يخوضها الناس بصدورهم العارية، في مواجهة الحصار والجوع والقصف، حاملين في قلوبهم حلم حياةٍ أقل قسوة.