مدارس غابت وأحلام بقيت.. غــزة تقاوم بقلوب صغارها

- ذكريات الماضي أنين أهالي القطاع الذي يُوجعهم
- عيون أطفال غزة تروي كل شيء عوضا عن الكلمات
بينما يتناثر الركام وتغيب الألوان عن وجوه الطفولة، لا يزال أطفال غزة يــتشبثون بصورٍ دافئة من أيامهم الماضية. يتحدثون عن مقاعد الدراسة وكأنها فردوس بعيد، عن حصة العلوم، وعن تلك الزاوية التي كانوا يكتبون فيها
واجباتهم. في خضم الألم، تصبح هذه الذكريات بمثابة حكايات مسموعة في قلوبهم، يُرددونها ليتجاوزوا لحظات الخوف والانفصال.
اقرأ أيضاً : غــزة.. أرض الدمع الصامت والقلب الصامد
وبين أمتعة النزوح، تحت بطانية ممزقة، تحتفظ ريم بزيها المدرسي نظيفًا، رغم الغبار من حولها، تقول بصوتٍ خافت: "كنت رح ألبسه أول يوم مدرسة، كنت جاهزة.. بس المدرسة راحت". لا تدري ريم إن كانت ستعود إلى
الصف، لكنها ترفض أن تفقد انتماءها لطفلة كانت تحلم بالنجاح، وتزيّن دفترها بالقلوب الحمراء.
صمت الأطفال.. ضجيجٌ لا يُسمع
لا يحتاج أطفال غزة إلى الكلمات ليعبّروا عن وجعهم، فعيونهم وحدها تروي كل شيء. يرسمون على الجدران وجوه أصدقائهم المفقودين، ويصنعون من علب الطعام المدمّرة ألعابًا يهربون بها من الواقع. لا يسألون كثيرًا، ولا
يحتجون، فقط يراقبون ما تبقى من العالم من خلف نوافذ مهشّمة، ويحاولون البقاء.
ذكريات تُقاوم النسيان
حين يخيّم الليل، يبدأ الصغار في سرد ما يشبه الحكايات. يتحدثون عن طابور الصباح، عن صديقتهم التي كانت تضحك كثيرًا، وعن تلك المسابقة التي فازوا فيها بلوحة شرف. في كل قصة نوع من الشفاء، وفي كل تذكار محاولة
لربط الحاضر بالماضي، في زمنٍ صارت فيه الذكريات أدفأ من الواقع.
طفولة تبحث عن حياة
رغم الغارات، ورغم الجوع، يظل أطفال غزة يحملون في قلوبهم بذور الحياة. لا تزال عيونهم تلمع عندما يتحدثون عن "بكرة"، ولا تزال دفاترهم – حتى إن تمزقت – تحمل حروفًا من نور. هم لا يملكون أجنحة، لكنهم يُحلّقون
بالإصرار، يحلمون بالعودة، ويقاومون الحرب بحلم العودة إلى الصف.