صورة تبكي الضمير.. مسن يحاور البحر في غزة بجسد مثقل بالآلام

- أحزان الغزيين تتعاظم على وقع استمرارية العدوان الغاشم
- مشاهد تفكر القلوب تسيطر على المشهد في القطاع
على شاطئ البحر، حيث تتكسر الأمواج كأنها تبوح بأسرارٍ مكتومة، يجلس رجل مسن وحيد، يراقب الأفق البعيد بعينين أثقلتهما الحروب والذكريات. ملامحه المرهقة تحكي سيرة عمرٍ طويل ضاع بين المنافي والانتظار، فيما تهمس الوحدة في أذنه كرفيقٍ ثقيل لا يرحل.. البحر أمامه واسع، لكنه يضيق
في داخله حدّ الخنق.
اقرأ أيضاً : من الركام إلى المجهول.. الفلسطيني يحمل بيته في قلبه
يمد يديه المرتعشتين نحو غطاء مهترئ يضعه على جسده الموجوع قهرًا، يحاول أن يستر برد الغربة والخذلان. يترك كلماته تنساب إلى الحبر كأنها شكوى للعالم، أو حوار مع ذاتٍ أثقلتها المأساة. كل جملة يخطها تشبه أنينًا، وكل حرفٍ يكتبه كأنه حجرٌ يُلقى في بحرٍ بلا قرار.
المشهد مؤلم، صورة تبكي الضمير قبل العيون؛ رجل يشيخ على الرصيف المواجه للبحر، بينما في داخله صحراء من الخيبات.. قلبه مسكون بالأوجاع، وروحه تبحث عن دفءٍ افتقدته منذ زمن، فيما تتراكم على أكتافه سنوات من الفقد والحسرات.
تل أبيب تواصل سياستها المتعنتة
وفي الخلفية، تواصل تل أبيب سياستها المتعنتة، غير عابئة بدموع الشيوخ ولا بأحلام الأطفال. الحصار يخنق حتى الهواء، ويحوّل البحر الذي كان نافذة للحرية إلى مرآة لخذلانٍ أكبر. هناك، يصبح الجلوس على الشاطئ فعل مقاومة صامتة، ورسالة موجعة يرسلها رجل أعزل إلى عالمٍ لا يصغي.
ذلك الشيخ الذي يجلس أمام البحر ليس مجرد ملامح باهتة في لوحة حزينة، بل شاهد على جرح ممتد، وذاكرة حيّة لا يقدر القهر على محوها. وحدته تختصر حكاية وطن بأكمله، لكنه رغم الألم يظل يتحدث مع الحبر، مؤمنًا أن الكلمات قد تعود يومًا مثل الموج، لتكسر أسوار الصمت وتفتح نافذة أمل من جديد.