أنقاض وفتات.. مائدة طفـلة غزية

Trending|24/08/25
أنقاض وفتات.. مائدة طفـلة غزية
طفلة غزية تأكل فوق ركام المنازل المدمرة
  • القطاع رسالة حق أمام العالم في وقت يستلهم الغزيون غزيمتهم من أرضهم
  • المجاعة تثقل الغزيين وتزيدهم إصرارا وإرادة

في قلب مدينة مدمَّرة، حيث تختلط رائحة الغبار بصوت الأنين، جلست طفلة غزية صغيرة فوق الركام الذي كان يومًا منزلها. لا تتجاوز سنوات عمرها أصابع اليد الواحدة، لكن ملامحها تشي بحكاية أكبر من سنينها. شعرها المغبر وملابسها الممزقة لم تحجب براءة

عينيها اللتين تحدقان في قطعة خبز حصلت عليها بعد ساعات من البحث والانتظار في طابور المساعدات.

اقرأ أيضاً : غزة تحت النار.. نزوح موجع وأرواح تتحدى الحصار

كانت تحمل رغيفًا يابسًا وبعض الفتات، وجسدها النحيل يرتجف من البرد والجوع. جلست على حجر بارز من بقايا منزلها، تتفحص الطعام كأنه كنز نادر. كل قضمة كانت معركة بين حاجتها الشديدة للشبع ودموعها التي تنهمر بلا توقف. بجانبها، بقايا ألعاب

مكسورة وصورة عائلية نصف محترقة، شاهدة على حياة انطفأت قسرًا.

انتظار عودة

لا أصوات حولها سوى صفير الريح عبر الشبابيك المحطمة وبكاء أطفال آخرين في الأحياء المهدمة. كان المشهد أقسى من أن يُحتمل؛ طفلة تبحث عن الأمان في حضن مكان لم يعد موجودًا. ومع ذلك، لم تفقد قدرتها على الحلم، فقد رفعت رأسها بين كل لقمة

وأخرى، وكأنها تنتظر أن تعود أمها فجأة، أو أن تسمع صوت أبيها يناديها من بعيد.

وجع وموائد فارغة

هذا المشهد لا يروي مأساة طفلة واحدة فحسب، بل يحكي وجع غزة كله. آلاف الأطفال هناك يعيشون التفاصيل نفسها: بيوت تحولت إلى أنقاض، موائد فارغة، وطفولة مسروقة. ومع ذلك، ما زال في أعينهم بصيص نور يقاوم، وابتسامة صغيرة قد تلمع رغم كل

السواد المحيط بهم.

في النهاية، لم تكن لقيمات الخبز تلك مجرد طعام يسد رمقها، بل كانت فعل بقاء وصمود. تلك الطفلة الغزية فوق الركام ترسل رسالة للعالم: نحن هنا، ما زلنا على قيد الحياة، وما زالت أرواحنا الصغيرة تحلم بسلام وبيت آمن وطفولة عادية كبقية أطفال العالم.