خطوات مثقلة بالألم نحو خيمة شاهدة على أنين الوجع

- الصبر والإرادة عنوانان بارزان لأهالي القطاع المناضلين
- المشاهد المؤلمة حكايا من الأوجاع الثقيلة
في زاوية المخيم، يمشي رجل مسن بخطوات متثاقلة، يحمل بين يديه كيسًا صغيرًا من المعونات الغذائية. وجهه الشاحب وملامحه المنهكة تحكي قصة سنوات طويلة من التعب والفقدان.. الكيس الذي يحمله بالكاد يحتوي على ما يسد رمقه لأيام قليلة، لكنه يتمسك به
وكأنه يحمل كنزًا ثمينًا، فهو مصدر بقائه الوحيد في عالم قاسٍ لم يعد يرحم الضعفاء.
اقرأ أيضاً : أطفال بلا طفولة.. مشهد مؤلم من شوارع غزة المُتألمة
ترافق خطواته أنفاس متقطعة، وكل خطوة يقطعها نحو خيمته تبدو وكأنها رحلة كاملة من الألم. يتذكر بيته القديم، وأرضه التي تركها خلفه قسرًا، وأصوات أبنائه الذين تفرقت بهم السبل. في عينيه بريق حزن دفين، لكنه في الوقت نفسه يختزن قوة عجيبة، قوة البقاء
رغم كل ما فقده، ورغم صقيع الأيام التي لم ترحم جسده الواهن.
حكايات من الحرمان
وعندما يصل إلى خيمته البالية، التي بالكاد تقيه حر الصيف وبرد الشتاء، يجلس عند مدخلها ويضع الكيس أمامه. ينظر إلى قطعة الخبز وبعض علب الطعام وكأنها حكاية أخرى عن الحرمان. هذه الخيمة ليست مجرد مأوى، بل شاهد صامت على كل وجع مر به؛
جدرانها من القماش تحفظ صدى بكائه الليلي وحنينه إلى أيام لم يعرف فيها معنى النزوح والجوع.
في داخله حكايات كثيرة لا يستطيع أن يرويها إلا لنجوم الليل التي تراقبه من بعيد. يتساءل أحيانًا كيف وصل به الحال إلى هذا المصير، لكنه سرعان ما يرفع رأسه إلى السماء في صمت، كأنه يبحث عن إجابة أو ربما عن أمل صغير يعيده إلى حياة كريمة.. هو لا
يريد سوى القليل؛ لقمة تحفظ كرامته ومأوى يقيه ذل السؤال.
صبر لا ينكسر
ورغم كل الألم الذي يسكن قلبه، يظل هذا الرجل مثالاً لصبر لا ينكسر. يمضي في حياته يومًا بعد يوم، حاملاً أحزانه بصمت، متشبثًا بخيط الأمل الرفيع. قصته هي قصة الكثيرين مثله، ممن وجدوا أنفسهم غرباء في وطنهم، لكنهم ما زالوا يقاومون الجوع والبرد
واليأس، بانتظار فجر يعيد إليهم ما سلبته الأيام.