بين صبر وجوع.. طفل القطاع يختزل حكاية شعب مناضل

Trending|05/09/25
بين صبر وجوع.. طفل القطاع يختزل حكاية شعب مناضل
طفل يبكي أثناء انتظاره حصته من الطعام في إحدى نقاط التوزيع بالقطاع
  • المجاعة تستحوذ على أجساد الغزيين على وقع الألم والحزن
  • طوابير الجياع في القطاع مشهد مؤلم متكرر

في طابور طويل لا ينتهي، يقف طفل لم يتجاوز السادسة من عمره، عاري الروح إلا من دموعه التي تتساقط على وجنتيه المحمرتين من لهيب الشمس.

اقرأ أيضاً : من زينة وألوان إلى صمت وركام.. هكذا تمر ذكرى المولد النبوي الشريف في القطاع

يضم بيديه الصغيرتين بطنه الخاوي، يتنهد بصوت متقطع، كأن أنفاسه تحمل كل ثِقل الجوع والحرارة معًا. عيناه الزجاجيتان تبوحان بحكاية ألمٍ أكبر من جسده الغض، حكاية صراع مع قسوة الأيام التي داهمته قبل أوانها.

بين الأمس واليوم

بالأمس فقط، كان يركض في أزقة الحارة، يملأ المكان ضحكًا وصخبًا بين أترابه، يرسم ببراءته لوحة حياة بسيطة رغم الفقر. لكن تلك اللوحة تمزقت على وقع القصف والموت، فغادر رفاقه الدنيا، وبقي هو وحيدًا يطارد سراب الخبز والماء، يبحث عن ما يسد رمق

جوعه ويُبقيه حيًّا.

في عينيه يختلط الحزن بالدهشة، يسأل ببراءة لم يفسدها الألم بعد: لماذا رحلوا جميعًا وبقيت أنا؟ لماذا صار اللعب ذكرى بعيدة، والجوع هو الحقيقة الأقرب؟ تتزاحم حوله أجساد المنهكين، بينما صوته الباكي يتوارى في ضوضاء الصمت الموجع.

مرآة لآلاف الوجوه الصغيرة

إنه مشهد يختصر مأساة جيلٍ وُلد تحت الركام، لا يعرف من الطفولة إلا اسمها، ومن الحياة إلا انتظار فتات النجاة.

ذلك الطفل ليس وحده، بل هو مرآة لآلاف الوجوه الصغيرة التي تذبل تحت شمس القهر، تبحث عن جرعة ماء، عن كسرة خبز، عن لمسة حنان وسط عالمٍ أدار ظهره لهم.

ويبقى السؤال عالقًا في الوجدان: أي ذنب اقترفه هذا الطفل حتى يُحرم من أبسط حقوقه؟ وأي قلب يستطيع أن يلتفت عن مشهد عينيه الباكيتين وهو يتنهد من وجع الجوع والحرّ، كأنه يختصر بصمته مأساة وطنٍ بأكمله؟.