الفاشر... مدينة سقطت وبقي الوجع شاهداً

Trending|03/11/25
الفاشر... مدينة سقطت وبقي الوجع شاهداً
نازحون سودانيون يفرون من الفاشر بعد سقوطها بيد قوات الدعم السريع
  • السودان تستغيث لما تعانيه من ويلات
  • أحلام السودانيين نحو الأمان تتبدد

في قلب دارفور، حيث كان الأطفال يركضون يوماً بين الحقول والنساء ينسجن الأمل بخيوط الصبر، حلّ الصمت مكان الضحكات، وأصبح الغبار يروي حكايات المدن المهدّمة. الفاشر، المدينة التي كانت تنبض بالحياة، أصبحت اليوم رمزاً للفقد، لوجعٍ لا

تكتبه الكلمات، ولحلمٍ انهار تحت ركام الحرب.

اقرأ أيضاً : السودان في قلب النار.. دموع على الأرض الجرداء وأمل هشّ يتلاشى

في الطرقات الممتدة نحو المجهول، تسير أقدام النازحين بثقل الذكريات، رجالٌ فقدوا بيوتهم، وأمهاتٌ يحملن أطفالهن على الأكتاف، يهربن من الموت إلى موتٍ آخر مجهول الملامح. لا يحملون معهم سوى بقايا صورٍ باهتة، وقلوبٍ أنهكها الخوف

والانتظار.

شهقة ألم

حين تسقط مدينة، لا تسقط الحجارة فقط، بل تسقط الأرواح أيضاً، في كل زاوية من دارفور شهقة ألم، وفي كل بيتٍ مهدوم قصة لم تُروَ بعد. الوجع هناك لا يُقاس بعدد الضحايا، بل بعمق الصمت الذي يخيّم على من تبقى.

الإنسان في الحروب يفقد شيئاً أكبر من حياته، يفقد ملامح ذاته. يصبح مجرد رقم في تقرير، أو صورة على شاشة، بينما قلبه يصرخ بألف وجع لا يسمعه أحد. وبينما ينشغل العالم بالعناوين، يضيع صدى الإنسانية في زحمة الأخبار.

لكن رغم كل هذا الخراب، يبقى هناك من يتمسّك بخيط الضوء الأخير. أولئك الذين يوزعون الماء في الصحراء، أو يواسون طفلاً يرتجف خوفاً، هم النبض الباقي في قلب الظلام. فربما لا يقدر الإنسان أن يوقف الحرب، لكنه يستطيع أن يزرع الرحمة

في وسط الرماد.