وجوه تجسّد الجوع.. وقصص لا تُروى وسط المجاعة المُهلكة

Trending|24/07/25
وجوه تجسّد الجوع.. وقصص لا تُروى وسط المجاعة المُهلكة
سيدة غزية تحمل كيس مساعدات ا أثناء سيرها في شارع الرشيد غرب جباليا
  • أحزان ثقيلة وسط مجاعة غير محدودة المعالم
  • القطاع يئن جوعا على وقع الصواريخ البائسة

في ظهيرة خانقة من تموز، وتحت شمس تُشبه الجمر، تمضي امرأة فلسطينية بصمت، تحمل على رأسها كيساً من المساعدات، وكأنها تحمل وطناً بأكمله فوق كتفيها.

اقرأ أيضاً : غزة في دمعة مسنّة.. وجع لا تقوى عليه السنين

خطواتها بطيئة لكنها ثابتة، تشق طريقها في شارع الرشيد غرب جباليا، غير عابئة بصوت الطائرات في السماء أو رائحة الدخان التي ملأت الأفق.

كرامة تشبه الجبال

كيس الأرز والسكر على رأسها أثقل من وزنه، تحمله بكرامة تشبه الجبال، فهذه المرأة لا تحمل طعامًا فحسب، بل تحمل الحياة لأطفال ينتظرونها بعيون غائرة من الجوع، خلف أبواب من خشب مكسور وأمل مكسور.

تمرّ بجانب ركام بناية سُوّيت بالأرض قبل أيام، كانت يومًا ما مأوى لعائلة كاملة، والآن صارت شاهدًا على جريمة صامتة. تتوقف لبرهة، تنظر إلى الأحجار المتناثرة، كأنها تفتّش بينها عن شيء فقدته… ربما ذكريات، ربما جارة

لم تعد، أو ربما جزءاً منها. ثم تشدّ طرف شالها المتسخ وتكمل طريقها، فالحياة في غزة لا تمنح أحدًا وقتًا للحزن الكامل، بل تفرض على الجميع أن يحزنوا وهم يسيرون، أن يبكوا وهم يحملون الطعام، أن يموتوا وهم يقاتلون

للبقاء.

في يدها الأخرى تمسك بطفلتها الصغيرة، نحيلة الجسد، ترتدي فستاناً باهت اللون لا يقيها حرّ الشمس ولا برد الحرب.

كل خطوة حكاية

تمشي الطفلة حافية القدمين، لكنها لا تبكي، تعلّمت من أمّها أن البكاء ترف لا يملكه من يعيش تحت النار، كل خطوة بين الركام حكاية، وكل نفس يخرج من صدرها الصغير معجزة. وفي عيني الأم نظرة لا تُشبه الاستسلام، بل

تشبه انتظار القيامة، كأنها تقول للسماء: "أمهلينا قليلاً، لا زال في صدورنا نبض لوطن، وفي قلوبنا متّسع لطفولة تستحق الحياة".

حولها وجوه منهكة، أطفال بأجساد هزيلة، وعيون تبحث في كل مارّ عن رغيف خبز أو شربة ماء، وجوه محفورة بالحزن، كأنها خريطة للعذاب الفلسطيني المستمر. ورغم كل شيء، لا تزال تلك المرأة تمشي.. كأنها تقول

للعالم: "نحن لا نموت بسهولة.. نحن نعيش رغم كل شيء".

في الخلف، تتعالى أصوات القذائف، كأنها تحاول إسكات صدى الخطوات المتمردة على الموت. لكن المرأة لا تلتفت، تواصل المسير، وقد تحوّلت هي نفسها إلى مشهد من الصمود، إلى قصيدة لا تُكتب، بل تُروى بدموع الأمهات

وآهات الجوعى.

أخبار ذات الصلة