الحسرة تمشي معهم.. رحلة لا تعرف الرحمة

- الغزيون يواصلون النزوح على وقع الجوع والقهر
- الفقدان يثقل قلوب الغزيين وسط مشاهد مؤلمة
في طرقات النزوح الموحلة، يواصل الغزيون سيرهم بين الركام، كأنهم يسيرون فوق جراحهم لا فوق الأرض، أطفال يتشبثون بأيدي أمهاتهم، يجرّون حقائب صغيرة لا تحمل شيئاً سوى بقايا حياة مسلوبة. تتسابق خطواتهم مع الخوف، ولا يرافقهم سوى صدى
صرخاتٍ خلفهم وخرائب تنهار مع كل ذكرى.
اقرأ أيضاً : دموع تحت القصف.. حين يبكي الغزيون حالهم قبل أن يخافــوا المــوت
الألم يثقل قلوبهم أكثر من الأمتعة، يتراءى في وجوهٍ ذابلة وعيونٍ تفيض بالخذلان. لا بيت يؤويهم ولا سقف يحميهم، فقط خيام بالية أو زوايا مهجورة تحاول احتضانهم. يبيت الكثيرون على أمل العودة، لكن الواقع يسخر من أحلامهم، ويرسم لهم دروباً جديدة من
الفقد.
أحلام تحت الركام
القهر يفتك بهم بصمت، إذ يرون أحلامهم تُدفن تحت الركام، وأعمارهم تُهدر في الانتظار. لا عدل ينصفهم ولا يد حانية ترفع عنهم ثقل المأساة. وحدها الحسرة تجلس إلى جوارهم، تشاركهم الخبز اليابس والماء المالح، وتذكرهم كل يوم بما فقدوه.
بين أنين الجوع وصرير الريح، تذبل أجسادهم كما تذبل الأغصان العطشى. أطفال بلا حليب، وشيوخ بلا دواء، ونساء تحملن الحِمل مضاعفاً بين خوفٍ من الغد وعجزٍ عن الحاضر. إنهم يمشون على حافة الحياة، يقتاتون على الصبر، لكن الصبر بدوره يوشك أن
ينفد.
ومع ذلك، وسط الخراب، تظل هناك ومضات صغيرة من الأمل. عين طفل تلمع بابتسامة عابرة، أو يد ممدودة بالمشاركة رغم الفقر. هذه الومضات، وإن بدت ضعيفة، تحمل سرّ بقاءهم، كأنها تخبر العالم أنهم ما زالوا هنا، وأن النزوح وإن قهرهم لن يمحو
إنسانيتهم.