غزة تنهض من تحــت الركام.. مدينــة الجراح تستعيد نبضها

- غزة تلتقط أنفاسها بعد عامين من العدوان الغاشم
- مشاهد مؤلمة تسيطر على القطاع المتألم
بعد شهورٍ طويلة من الموت والدمار، بدأت غزة تلتقط أنفاسها من جديد، الشوارع التي كانت صامتة تحت ركام القصف، استعادت شيئًا من حياتها، وصوت الأطفال عاد يعلو بين الأزقة المهدّمة، يملأها ضحكًا خجولًا يشقّ طريقه وسط أنقاض الوجع.
اقرأ أيضاً : أم تخمد وجع ابنتها.. حين تمسح الشمس دموع غزة
رائحة الغبار لم تغب بعد، لكنها اختلطت اليوم بنفحات الأمل، حين فتحت المحال أبوابها للمرة الأولى منذ أسابيع، وكأن المدينة كلها تنهض من غيبوبة طويلة.
في الأسواق المؤقتة، يبيع الناس ما تبقّى لهم من خيرات الأرض، بعض الخضار، والخبز الذي يُخبز على نارٍ حطبٍ متعب، ووجوههم تحمل مزيجًا من التعب والإصرار.
الكل يحاول أن يعيش رغم كل شيء، أن يعيد تشكيل تفاصيل الحياة البسيطة التي سرقتها الحرب. امرأة تضع يدها على رأس طفلها وتقول بابتسامة مرتعشة: "رجعنا نسمع صوت الحياة، ولو خافت".
مشاعر الفرح والحذر
في الشوارع، تتداخل مشاعر الفرح والحذر. هناك من يضحك لأنه ما زال حيًّا، وهناك من يبكي لأنه فقد كل شيء. لكن غزة، كعادتها، لا تعرف الانكسار. في كل زاوية حكاية مقاومة صغيرة: طفل يركض وراء كرةٍ مصنوعة من قماش، ورجل يعيد بناء ما تهدّم بيديه العاريتين، وامرأة تزرع وردةً في
شرفةٍ لم يبقَ منها سوى الحائط.
الليل في غزة لم يعد مرعبًا كما كان، بل صار أكثر هدوءًا، وإن كان الحزن ما زال يسكن تفاصيله. النجوم التي حجبتها الدخان طويلاً، عادت تضيء سماء المدينة المرهقة، وكأنها تواسيها. في المساجد والمنازل، تتعالى الأدعية بأن يكون الغد أجمل، وأن لا يعود القصف، وأن يبقى الأطفال أحياءً ليكملوا
أحلامهم الصغيرة.
وهكذا، بعد أن توقف قلب غزة على وقع الألم والمشاهد المأساوية، ها هي اليوم تستعيد نبضها شيئًا فشيئًا. مدينة الجراح تثبت من جديد أنها قادرة على النهوض، لأن في داخلها روحًا لا تموت، وشعبًا لا يعرف إلا أن يحب الحياة حتى في أصعب امتحاناتها.