هاري ماغواير يمنح مانشستر يونايتد ما كان يفتقده كثيراً

رياضة|21/10/25
هاري ماغواير يمنح مانشستر يونايتد ما كان يفتقده كثيراً
هاري ماغواير
  • قام ماغواير بصد الكرات وإبعادها، كان صخرة دفاعية ومنارة أمل ليونايتد، محافظًا على التقدم المبكر الذي منحهم إياه بريان مبيومو

في أمسية كروية ستُسجل في تاريخ التنافس المحموم بين قطبي الكرة الإنجليزية، ارتقى المدافع هاري ماغواير فوق كل الانتقادات والشكوك ليقود مانشستر يونايتد لفوز هائل بنتيجة 2-1 على غريمه الأزلي ليفربول، في عقر داره بملعب أنفيلد. لم يكن هذا مجرد فوز في المواجهة رقم 217 بين الفريقين؛ بل كان انتصاراً يمثل أول فوز ليونايتد في هذا الملعب الصعب منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وجاء برأسية من اللاعب الأكثر عرضة للنقد في الفريق.

كانت المباراة تتجه نحو تعادل إيجابي 1-1، بعد أن تقدم برايان مبيومو ليونايتد مبكراً قبل أن يعادل كودي جاكبو الكفة لأصحاب الأرض في الدقيقة 78. وبينما كانت جماهير "الكوب" تدفع فريقها نحو هدف الفوز، نفذ برونو فيرنانديز عرضية متقنة، ليحولها ماغواير بقوة وإتقان إلى داخل الشباك، مهدياً فريقه ثلاث نقاط لا تقدر بثمن.

لحظة الخلاص لقائد صامت

بالنسبة لماغواير، هذا الهدف هو أكثر من مجرد هدف فوز. إنه يمثل لحظة فداء شخصية عميقة. كان اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً هدفاً دائماً للسخرية، حتى من قبل بعض جماهير ناديه، الذين أطلقوا عليه ألقاباً مهينة وطالبوا برحيله. في عام 2023، تم تصنيفه، إلى جانب كريستيانو رونالدو، كأحد أكثر لاعبي كرة القدم تعرضاً للإساءة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع والدته، زوي، للدفاع عنه علناً واصفة الأمر بأنه "عارٍ عن الإنسانية".

لم ينسَ أحد إهداره فرصة محققة في اللحظات الأخيرة في أنفيلد العام الماضي، وهي اللحظة التي جلبت عليه موجة جديدة من الانتقادات. لكن في هذه الأمسية، تحولت كل تلك الإهانات إلى هتافات. لقد أثبت ماغواير، الذي يهتم بشدة لسمعة النادي، صلابته العقلية، وحوّل نفسه بفضل هذا الهدف التاريخي إلى بطل في عيون الأنصار.

ثقة أموريم في "رجل المهام الصعبة"

جاء هذا الأداء البطولي ليرد الجميل للمدرب الجديد روبن أموريم، الذي أظهر ثقة مطلقة في المدافع الإنجليزي. في ثالث مشاركة أساسية له فقط هذا الموسم، فضل أموريم خبرة ماغواير وقيادته على حيوية المدافع الشاب الواعد ليني يورو في "حفرة الشغف" بأنفيلد.

لم يكتفِ أموريم بإشراكه، بل أعاد تشكيل خط دفاعه ليتناسب مع قدرات ماغواير. دفع المدرب البرتغالي بالهولندي ماتيس دي ليخت إلى مركز الظهير الأيمن في خطة بثلاثة قلوب دفاع، ليحافظ على ماغواير في مركزه المفضل في القلب، وبجانبه لوك شو. طوال المباراة، كان ماغواير "صخرة دفاعية ومنارة أمل"، حيث قاد الخط الخلفي ببراعة "بالكلمة والفعل"، ونجح في تحييد خطورة هجوم ليفربول المتبدل، سواء كان ألكسندر إيساك، هوغو إيكيتيكي، أو فيديريكو كييزا.

اقرأ أيضاً: مانشستر سيتي يعود لـ "لا سيراميكا" وفياريال يبحث عن انتصار

"صُنع في الصلب".. سر صلابة ماغواير

لفهم هذه العودة القوية، يجب النظر إلى جذور اللاعب. نشأ ماغواير في أكاديمية شيفيلد يونايتد، في قلب "مدينة الصلب"، والتي تتبنى شعار "Forged in Steel" (صُنع في الصلب). هذا الشعار ليس مجرد كلمات، بل هو فلسفة حياة.

كجزء من تكوينه، أُرسل ماغواير وزملاؤه الناشئون للعمل لمدة أسبوع في مسبك صلب محلي. لقد اختبروا قسوة العمل اليدوي، حتى أنهم قاموا بتنظيف فضلات الفئران، ليدركوا قيمة العمل الجاد ومدى حظهم في ممارسة كرة القدم كمهنة. هذه التجربة غرست فيه قيم الصدق، النزاهة، والاحترام، وجعلت منه مقاتلاً لا يعرف الاستسلام.

هذه الصلابة الذهنية، التي صُقلت أيضاً بمنافسات شرسة في حديقة منزله ضد شقيقيه، هي التي سمحت له بالصمود أمام حملات الانتقاد الشرسة. لم يكتفِ ماغواير بالتكوين البدني، بل كان متفوقاً أكاديمياً، وحصل على درجات امتياز (A* و A) في شهادة الثانوية العامة (GCSE)، وكان مستعداً للالتحاق بالجامعة لولا شغفه بكرة القدم.

انتصار يتجاوز النقاط الثلاث

هذا الفوز، الذي تابعه السير أليكس فيرغسون من المدرجات، هو أكثر من مجرد ثلاث نقاط. إنه "انتصار هائل" لأموريم يثبت به أقدامه، وهو انتصار لروح الفريق التي جسدها ماغواير. في لحظة كان فيها التعادل نتيجة مقبولة تماماً، قاتل ماغواير ورفاقه من أجل الفوز.

لقد تم التشكيك في سرعته، وقدرته على التحكم بالكرة، وأنفق النادي الملايين على قلوب دفاع جدد، لكن هاري ماغواير نجا. وعندما جاء التحدي الأكبر، في أصعب ملعب، ضد أشرس منافس، قدم ماغواير الجواب الحاسم، ليس فقط بصلابته الدفاعية، بل بهدف سيتذكره جمهور يونايتد طويلاً.