هالاند يعود للانتقام وكرم مبابي مع فينيسيوس يضعه في ورطة

- هذا الطموح لخصه مبابي بنفسه مؤخرًا: "آمل أن يحلم الناس بي يومًا ما، كما فعلوا مع كريستيانو".
صراع العمالقة ليس مجرد "كليشيه" يتم تداوله صحفياً عندما يكون هناك مواجهة كبيرة بين فريقين أو لاعبين، فاليوم، يُعاد تجسيد هذه الكلمات كأسوأ كوابيس المدافعين في أوروبا. بطلا القصة هما كيليان مبابي، أيقونة ريال مدريد الجديدة، وإيرلينج هالاند، الماكينة التهديفية لمانشستر سيتي.
المنافسة بينهما لم تعد مجرد تكهنات إعلامية حول من سيخلف عرش ميسي ورونالدو، بل تحولت إلى واقع ملموس ومباشر يُترجم في سباق محموم على جائزة الحذاء الذهبي لموسم 2025-2026، بحسب ما وصفته صحيفة "ماركا" في تقرير لها عن الثنائي اليوم.
الموسم لا يزال في بداياته، لكن التحدي تم إطلاقه بالفعل وبأعلى صوت ممكن. ففي الوقت الذي احتفل فيه مبابي بجائزة الحذاء الذهبي التي فاز بها عن موسم 2024-2025 (بـ 31 هدفاً)، أطلق تهديداً صريحاً بنيته تكرار الإنجاز هذا العام. ومن مانشستر، وصل الرد سريعاً وقاسياً: إيرلينج هالاند قبل التحدي.
سباق "الثنائيات" يشتعل في 24 ساعة
كانت عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة ملخصاً مثالياً لما ينتظرنا هذا الموسم. يوم السبت، أمتع كيليان مبابي جماهير "سانتياجو برنابيو" وقاد ريال مدريد لاكتساح فالنسيا برباعية نظيفة، مسجلاً ثنائية رائعة. لعدة ساعات، بدا الفرنسي وكأنه يغرد وحيداً في الصدارة.
اقرأ أيضاً: "حالة طوارئ" في ليفربول بسبب الغيابات قبل صدام ريال مدريد
لكن هذا الشعور لم يدم طويلاً.
فبعد 24 ساعة فقط، وعلى ملعب "الاتحاد"، كان إيرلينج هالاند على موعد مع الرد. في مواجهة بورنموث العنيد، سجل النرويجي ثنائية بدوره، ليقود السيتي لفوز هام (3-1) ويرسل رسالة واضحة إلى مدريد: "كل ما ستفعله، سأفعله مثلك".
النتيجة الآن؟ تعادل مثير بين الغريمين. كلاهما يمتلك 13 هدفًا في رصيده بالدوري. وبما أن الأهداف في الدوريات الخمس الكبرى (الإنجليزي والإسباني) تُحتسب بنقطتين، فإن كلاً من مبابي وهالاند يمتلك 26 نقطة في الترتيب الرسمي للجائزة.
نظريًا، يتصدر السباق حاليًا الصربي داركو ليمايتش (28 نقطة)، لكنه يلعب في الدوري اللاتفي الذي يمنح نقاطًا أقل، والأهم أنه يتبقى على نهاية دوريهم جولة واحدة فقط. لذا، فإن هذا التصدر "مؤقت وزائف". الصراع الحقيقي سيكون بين مبابي وهالاند، مع مراقبة لصيقة من هاري كين الذي يلاحقهما بـ 12 هدفًا (24 نقطة) في الدوري الألماني.
عودة "السايبورج".. هالاند يتحدى
الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لمعسكر مبابي هو أن هذا ليس "هالاند الموسم الماضي". ففي موسم 2024-2025، بدا "السايبورغ" النرويجي بنصف قوته، متأثراً ربما بتراجع مستوى مانشستر سيتي ككل. أنهى الموسم بـ 22 هدفًا فقط، وهو رقم ممتاز لأي مهاجم، لكنه "باهت" بالنسبة لمعايير هالاند، وتركه خلف مبابي الفائز بالجائزة، وحتى خلف أسماء مثل جيوكيريس ومحمد صلاح.
لكن هذا الموسم، هالاند "أعاد ضبط إعدادات المصنع". لقد عاد إلى نسخة 2022-2023 المرعبة التي حطمت الأرقام القياسية وفازت بالحذاء الذهبي بـ 36 هدفًا.
أهدافه الأربعة في ثلاث مباريات بدوري أبطال أوروبا تؤكد أن ما يفعله في إنجلترا ليس مجرد صحوة محلية، بل عودة كاملة لآلة التهديف الفتاكة. وهناك عامل خفي يمنح النرويجي أفضلية نفسية: هالاند سجل أهدافه الـ 13 في عدد مباريات أقل بمباراة واحدة من مبابي. في سباق دقيق كهذا، يُعتبر معدل التهديف عاملاً حاسماً، وهالاند يتفوق في هذه النقطة حتى الآن.
"ورطة" كرم مبابي مع فينيسيوس
في المقابل، يواجه كيليان مبابي معضلة فريدة من نوعها؛ معضلة سببها "كرمه الزائد" الذي قد يضعه في ورطة حقيقية بنهاية الموسم. ففي سباق يُتوقع أن يُحسم بفارق هدف أو هدفين، لا يوجد أي مجال لإهدار الفرص أو "المجاملات".
المشكلة تكمن في ركلات الجزاء. مبابي، في لفتة طيبة كقائد للفريق ولإظهار الدعم لزميله، قرر التنازل عن تنفيذ بعض الركلات البرازيلية فينيسيوس جونيور
هذا "الكرم" كاد أن يكلفه غالياً أمام فالنسيا في الجولة الأخيرة، عندما أهدر فينيسيوس الركلة التي منحها له مبابي. كل ركلة جزاء يتنازل عنها مبابي هي "هدف محتمل" يُطرح من رصيده في الحذاء الذهبي. وهو ما لا يمكن تحمله عندما يكون منافسك المباشر هو إيرلينج هالاند.
المفارقة أن هالاند نفسه لا يملك سجلاً مثالياً (الموسم الماضي سدد 10 ركلات أضاع منها 4). لكن النقطة الأهم هي أنه عندما تأتي الركلة (لم يحصل السيتي على أي ركلة جزاء بعد هذا الموسم)، من المستبعد تماماً أن يشارك هالاند "كرم" مبابي. سيأتي وقت، ربما قريباً، يضطر فيه مبابي للتوقف عن هذه المجاملات إذا أراد ضمان الجائزة الفردية.
شبح رونالدو.. المعركة الأخرى
لا تقتصر معارك مبابي هذا الموسم على هالاند فقط. ففي مدريد، يواجه الفرنسي تحديًا من نوع آخر: إنه يطارد "شبح كريستيانو رونالدو".
يدرك النجم الفرنسي أنه لكي يصبح الأسطورة الأولى في النادي الملكي، عليه تحطيم أرقام "الدون" التاريخية. وهو يعمل على ذلك بجد. بثنائيته في فالنسيا، وصل مبابي إلى 44 هدفًا في أول 45 مباراة له في الليجا، متفوقًا بهدف واحد على رونالدو الذي سجل 43 في نفس العدد من المباريات.
هذا الطموح لخصه مبابي بنفسه مؤخرًا: "آمل أن يحلم الناس بي يومًا ما، كما فعلوا مع كريستيانو".
"بيت القصيد" هنا هو هذا التحدي المزدوج. مبابي يحاول تجاوز إرث معبوده التاريخي في مدريد (وهو ما قد يتطلب "كرماً" لزملائه مثل فينيسيوس)، وفي نفس الوقت، عليه أن يصد هجوم "عملاق فايكنج" قادم من مانشستر لا يعرف الرحمة (وهو ما يتطلب "أنانية" تهديفية مطلقة).
أوروبا والعالم يراقبان بأنفاس مشدودة، ويبدو أن "الفشار" سيبقى في الأيدي حتى مايو القادم.. فالمعركة قد بدأت للتو.
