وجوه صغيرة تسرق الحياة من بين أنياب الحرب

Trending|07/07/25
وجوه صغيرة تسرق الحياة من بين أنياب الحرب
طفلان يمشيان في أحد شوارع القطاع المدمرة
  • أهالي القطاع يرسمون معالم الأمل رغم افتقارهم للألوان
  • الأحزان تتعاظم على وقع استمرار الحرب القاسية

في مكان شاحب الملامح، في مكان قُتلت فيه الأفراح والسعادة، تحوّلت الأرصفة إلى ذاكرة رمادية، وانهارت الجدران كما تنهار الأحلام، سار طفلان حافيا القدمين، يضحكان.

اقرأ أيضاً : صرخة النجاة.. خطوات مرتجفة تحت سماء مشتعلة

لا شيء في المشهد يدعو للضحك، لا سماء زرقاء، ولا ألعاب ملونة، ولا حتى وجبة دافئة في انتظار المساء، ورغم ذلك، ضحك الطفلان.

لم تكن ضحكتهما عابرة. كانت تمردًا صغيرًا على الحرب، على الجوع، على الخوف المتجذر في قلوب الكبار، كانت أشبه بنشيد بريء في وجه آلة لا ترحم. كأنّ تلك الضحكة تقول: "ما زلنا هنا. لم تنكسر أرواحنا كما تكسّرت

نوافذ بيوتنا".

أحدهما التقط حجراً صغيراً، ورسم به على وجه الآخر خطاً من الغبار، فضحكا. لم يكن لديهما هاتفٌ ذكيّ ولا لعبة إلكترونية، فقط شارع مدمر وسحابة من الغبار، وذاكرة مليئة بالقصف، لكن قلبيهما كانا مليئين بالحياة. تلك

الضحكة، وسط هذا المشهد الجاف، كانت أغلى من أي كنز، وأشدّ صدقاً من كل خطابات العالم.

ذاكرة موجعة

وراء تلك الضحكة، تختبئ ذاكرة موجعة، لا تشبه ذاكرة أقرانهم في أماكن أخرى. في ملامحهم الصغيرة تسكن صور البيوت التي سقطت، وصدى صرخات كانوا يختبئون منها تحت الطاولات.

فقدوا أصدقاء، وألعاباً، وربما حتى أحلاماً، يذكر أحدهما جيداً كيف كانت أمه تغني له في المساء تحت ضوء شمعة، قبل أن ينطفئ كل شيء في ضربة واحدة، والآخر ما زال يتذكر دفء حضن جدته في الليلة الأخيرة، قبل أن

تستيقظ الحيّ على صمت ثقيل لا يشبه الفجر.

تأملتُ المشهد وأنا عاجزٌ عن الفهم: كيف يضحك طفلان وسط كارثة إنسانية؟ كيف يتحول الخوف إلى لعبة، والجوع إلى لحظة خفة؟ أدركتُ حينها أن في داخل كل طفل قدرة خارقة على النجاة، على حفظ بذور الفرح ولو تحت

الرماد.

ضحكة الطفلين ليست فقط لحظة عابرة، بل رسالة صامتة من قلب المأساة: أن الحياة ما زالت ممكنة، وأن الطفولة، مهما حوصرت بالأسلاك والجدران، قادرة أن تتنفس.

أخبار ذات الصلة